يستكمل الشاعر والروائي السوري عمر قدور مشروعه الروائي برواية جديدة صدرت الطبعة الأولى منها حديثاً عن دار نون للنشر في إمارة رأس الخيمة، بعنوان "من لا يعرف سيمون" وامتدت على 107 صفحات من القطع المتوسط، وصممها الناصري، افتتحها المؤلف بمقطع للشاعر الأمريكي ت.س. إليوت يقول "ليس لك شباب أو شيخوخة، بل كما لو كنتَ في قيلولة وحلمت بكليهما".
تتنتقل أماكن الرواية في عدة مدن أمريكية وأوروبية قبل أن تعود للبداية في سوريا حيث تدور معظم أحداث الرواية التي اقتبست دار النشر مقطعاً منها ليكون على الغلاف الخلفي لها يقول فيه: "أيضاً ثمة الخوف من العودة إلى الشام، في الشام لن تفلت من براثن الأستاذ، سيكون موجوداً في كل شارع، وكل مفترق طرق، سيدخل من نافذتها، من الشق الصغير أسفل الباب، سيفقأ عينيها وثدييها مراراً قبل أن يجهز عليها أحد أزلامه بذلك النصل الحاد الذي رأته في الحلم. في لحظة شرود كادت أن تلقي بنفسها من التاكسي؛ تخيلت أن السائق نفسه هو موظف الاستعلامات في الفندق وأنه عميل للأستاذ صفوت، نظرت إلى وجه السائق إلى المرآة وتأكدت من خطئها، لكنها بقيت مرعوبة ومتيقنة من أن السائق موظف آخر لدى الأستاذ؛ نظراته إليها في المرآة تكاد تشلها من الرعب، وابتسامته كلما التقت نظراتهما لا تعني سوى شيء واحد: إلى متى ستهربين.
تغوص الرواية في عوالم تشتبك فيهما الجريمة بالنفوذ السياسي، وعوالم شركات الإنتاج والفن والفنانين، بسرد رشيق ورغبة بتعرية المسكوت عنه وكشف المستور في داخل العلاقات المجتمعية ومنظومة بناءها في ظلّ القمع والخوف والاستبداد في حضرة دولة البوليس والحزب الأوحد، هكذا تبدو الرواية التي صنفها بعض الكتاب والنقاد بـ "الرواية السورية الجديدة"، رواية تحاول أن تحفر في الواقع المرير لحياتنا وتتحدى سلطة القهر، لا تبحث عن السلام المفرط الراكن للمهادنة وكأنها رواية تحارب من أجل أن تهزم كل فنون السرد القديمة وبالأخص خرق كل المحرمات من أجل المصالحة مع واقع جديد صنعته الثورة السورية، وذلك بحسب وصف أحمد صلال في أورينت نت.
الرواية تتشارك مساحة واسعة من إشكاليات حياتنا اليومية في ظل البعث، بطريقة تميط اللثام عن دراية بأساليب الطرح الروائي الذكي، وعالم يسرق سيمون التي دارت في حيات ومخيلات الرجال كثر، المرأة التي تروي عن نفسها جزءاً من الرواية ويروي عشاقها بقية الرواية عنها، تتداخل أحداثها فلا يصبح هنالك حدّ فاصل ما بين الحقيقي وأحلام سيمون، بدءاً من الصفحة الأولى حيث تُفتتح الرواية متأسّسة على بيئة مختلفة عما نعرفه في الكتابة الروائية العربية. كنا، في تلك الصفحات الأولى، كأننا إزاء رواية بوليسية لن تلبث أن تتحوّل عن ذلك من لحظة ما تحلّ أسماء عربية محل فرانك وود والسيّدة كاترين وود، وأيضاً سيمون قبل أن يتعرّب الاسم في محل إقامته بسوريا. وهي الرواية الرابعة للروائي السوري عمر قدور بعد حواف خشنة 2002، أسماء للنسيان 2007، هواء فاتر .. ثقيل 2008، وهذه الرواية من أولى إصدارات دار نون الروائية البوليسية.